سورة النساء - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك {أفلا يتدبرون القرآن} قال: يتدبرون النظر فيه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} يقول: إن قول الله لا يختلف، وهو حق ليس فيه باطل، وإن قول الناس يختلف.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: سمعت ابن المنكدر يقول وقرأ {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} فقال: إنما يأتي الاختلاف من قلوب العباد، فأما من جاء من عند الله فليس فيه اختلاف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: إن القرآن لا يكذب بعضه بعضاً، ولا ينقض بعضه بعضاً، ما جهل الناس من أمره فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم، وقرأ {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} قال: فحق على المؤمن أن يقول: كل من عند الله، يؤمن بالمتشابه ولا يضرب بعضه ببعض إذا جهل أمراً ولم يعرفه، أن يقول: الذي قال الله حق، ويعرف أن الله لم يقل قولاً وينقص، ينبغي أن يؤمن بحقيقة ما جاء من عند الله.


{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)}
أخرج عبد بن حميد ومسلم وابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصا ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه. ونزلت هذه الآية في {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} يقول: أفشوه وسعوا به {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} يقول: لعلمه الذين يتجسسونه منهم.
وأخرج ابن جريج وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} قال: هذا في الإخبار، إذا غزت سرية من المسلمين خبر الناس عنها، فقالوا: أصاب المسلمين من عدوهم كذا وكذا، وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا، فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو يخبرهم به. قال ابن جريج: قال ابن عباس: {أذاعوا به} أعلنوه وأفشوه {ولو ردوه إلى الرسول} حتى يكون هو الذي يخبرهم به {وإلى أولي الأمر منهم} أولي الفقه في الدين والعقل.
وأخرج ابن جريج وابن أبي حاتم عن السدي {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف} يقول: إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم، أو أنهم خائفون منه، أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوهم أمرهم {ولو ردوه إلى الرسول} يقول: ولو سكتوا وردوا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم {وإلى أولي الأمر منهم} يقول: إلى أميرهم حتى يتكلم به {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} يعني عن الأخبار، وهم الذين ينقرون عن الأخبار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وإذا جاءهم أمر} قال: هم أهل النفاق.
وأخرج ابن جرير عن أبي معاذ. مثله.
وأخرج عن ابن زيد في قوله: {أذاعوا به} قال: نشروه. قال: والذين أذاعوا به قوم إمَّا منافقون وإما آخرون ضعفاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم} يقول: إلى علمائهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: الولاة الذين يكونون في الحرب عليهم، يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر أصدق أم كذب.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال: يتبعونه ويتجسسونه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال: الذين يسألون عنه ويتجسسونه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال: قولهم ماذا كان وما سمعتم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق سعيد عن قتادة قال: إنما هو {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك إلا قليلاً منهم {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة في قوله: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً} يقول: لاتبعتم الشيطان كلكم. وأما قوله: {إلا قليلاً} فهو لقوله: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} إلا قليلاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان} قال: فانقطع الكلام. وقوله: {إلا قليلاً} فهو في أوّل الآية يخبر عن المنافقين قال: {فإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} إلا قليلاً. يعني بالقليل المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: هذه الآية مقدمة ومؤخرة، إنما هي {أذاعوا به إلا قليلاً منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً} قال: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا حدثوا أنفسهم بأمر من أمور الشيطان إلا طائقة منهم.


{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)}
أخرج ابن سعد عن خالد بن معدان. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت إلى الناس كافة، فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب، فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش، فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم، فإن لم يستجيبوا لي فإليّ وحدي».
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أبي إسحاق قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال: لا، إن الله بعث رسوله وقال: {فقاتل في سبيل الله لا تكلَّف إلا نفسك} إنما ذلك في النفقة.
وأخرج ابن مردويه عن البراء قال: «لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين} قال لأصحابه: قد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي سنان في قوله: {وحرض المؤمنين} قال: عظهم.
وأخرج ابن المنذر عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم: ألا هل مشمر للجنة، فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور تلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وفاكهة كثيرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة في مقام أبداً، في خير ونضرة ونعمة، في دار عالية سليمة بهية. قالوا: يا رسول الله نحن المشمرون لها. قال: قولوا: «إن شاء الله، ثم ذكر الجهاد وحض عليه».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عبد البر في التمهيد عن سفيان بن عيينة عن ابن شبرمة. سمعته يقرؤها {عسى الله أن يكف من بأس الذين كفروا} قال سفيان: وهي في قراءة ابن مسعود هكذا {عسى الله أن يكف من بأس الذين كفروا}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً} يقول: عقوبة.

15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22